الأربعاء، 2 مايو 2012

نساء في مهب العنف .. رواية لإليف شفق



Index

      تبدأ الروائية التركية أليف شفق روايتها الجديدة بإهداء يحتوي على حكاية كئيبة: حين كانت في السابعة من عمرها عاشت بالقرب من خياط كان معتاداً على ضرب زوجته'. في المساء كنا نصغي إلى صوت الصراخ والصيحات والتوعد. في الصباح نستمر بحياتنا كالمعتاد. ويتظاهر الجار بأنه لم يسمع ولم ير'. وبما أنها أهدت كتابها إلى ' أولئك الذين يسمعون ويرون' فإن شفق تسلمه إلى 'أسماء توبراق' وهي كردية تركية ولدت في لندن و تتحضر للبدء برحلة إلى سجن شروبري كي تتسلم أخاها الذي قضى 14 سنة في السجن بتهمة القتل. وثمة تضمين لا تأكيد على أن ضحيته كانت أمهما. تعترف أسماء أنها فكرت أحياناً بقتل أخيها انتقاماً. لكنها تقرر الآن أن ترحب بعودته إلى البيت الذي تتشارك به مع زوجها وبنتين لهما. تلك هي الغيمة التي تحوم على الصفحات الثلاثمائة من الرواية إذ تقدم أسماء شذرات من تاريخ العائلة وتستهلها بمولد أمها في قرية قرب الفرات. تصف عالماً فيه النساء إضافة إلى الرجال يجبرون على شفرة أو رمز الشرف الذي يؤول إلى الموت الاجتماعي للرجال الذي يفشلون في أن يتصرفوا كرجال والموت الفعلي لعدد من الأقارب من النساء. حين هاجرت أفراد عائلتها إلى أسطنبول ثم إلى لندن في بداية السبعينات فإنهم أخذوا معهم تلك الشفرة لكنهم بينما اعتادوا على الحياة في الغرب فإنه يصبح إلزاماً لا يستطيعون السيطرة عليه أو فهمه بدلاً من أن يكون نظاماً لقانون اجتماعي. يقع آدم الأب في حب راقصة غريبة. ونتيجة لعاره ينجرف بعيداً. أما أسكندر الابن الأكبر فإنه يترك بلا حماية ويُعامل بقسوة قبل أن يكّون عصابته الخاصة ويأتي بأفعال سيئة بحق الآخرين. آراؤه عن الرجولة تزداد حدة نتيجة تطرف جيرانه المراهقين ولديه قانون على صديقته الإنكليزية وآخر على أمه 'بمبه'. ويقضي العرف إنه الآن هو رب العائلة حتى لو أنها لا ترغب بأن يسيطر عليها ومع ذلك لا تذعن له وتخرج في طريقها إلى أن تنقل قبولها بـ'سلطانها'. وتجري بالتوازي مع المأساة العائلية هذه قصة أخرى. حتى في هذه القرية قرب الفرات، إذ النساء يحزنّ عند ميلاد بنت، يستخدمن ببراعة سلطات اجتماعية جديرة بالاعتبار على الرغم من أنهن يملن إلى أن يعبرن عنها من خلال الأحلام والهواجس. كذلك يمنحن عرفاً إسلاميا أرق يتضمن الرحمة والعطف ويشجعن انهماكاً خيالياً مع كل من العرف والعالم الحديث. تتوق بمبه إلى السفر. تبقى أختها التوأم (جميلة) خلفها وتصبح 'القابلة العذراء' الخرافية وهي ترحل بلا خوف عبر المناطق الحدودية التي يسيطر عليها اللصوص وتضع قدرها بين يدي الرب. حين يشير الحلم إلى أن أختها واقعة في الخطر لا تواجه جميلة مشكلة في العثور على الناس الذين يستطيعون أن يعبروا بها إلى لندن دون وثائق صحيحة. إن الأخ والأخت توبراق يظهران استقلالاً مشابهاً من الفكرة حين يكافحان من أجل حل التناقضات التي جعلت عائلتهما تنحدر نحو الأسوأ. إن شفق روائية معروفة في تركيا وهي محبوبة من قبل النساء الشابات المتعلمات والمستقلات حديثاً اللاتي يتذوقن مزجها ما بين النسوية والصوفية وشخصياتها الملتوية على نحو جذاب والحيل والأدوار البارعة لرومانسها الملحمي. ولدت في ستراسبورغ لأم تحمل الدبلوم ومتعلمة في أوروبا والولايات المتحدة وتركيا وكتبت بعض الكتب في بلدها تركيا وأخرى (مثل هذه الرواية) في انكلترا. في كل شيء تكتبه تحاول أن تحل ما تعده سروداً مزيفة. في هذه الرواية إنها قصة ' قتل الشرف' كما نعرفها من تلك العناوين الصادمة. ويستدعي الكتاب رواية ' اللون الأرجواني' (لأليس ووكر- م) في انهماكها الشديد في تصوير العنف الذكوري وعزمها على رؤية شخصياتها في مكان أفضل. لكن شفق أقرب إلى إيزابيل أليندي في روحها وثقتها وسحرها. إن تصويرها للثقافات الإسلامية، التقليدية منها والمعولمة، تبشر بالأمل مثلما هي بارعة سياسياً. وهذا وحده يمنحها انتباهاً من العالم كانت تستحقته منذ زمن طويل.  "

(Via .)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق